أدوات للرحلة - مصنع المحتوى

أدوات للرحلة


أجمل ما في التعلم الذاتي هو الرغبة والحب الحقيقي لموضوع التعلم وهذا ما يجعلنا نعود إليه في الأساس، فمنذ الأزل كنا وما زلنا نتعلم ذاتياً؛ الحصول على الطعام، المشي، الكلام، لم يلقنها لنا أحد. ورغم ذلك قد نحدد خط البداية والنهاية بكل حب فتنطلق الصافرة معلنةً سباقاً لا ينتهي. الانشغال، التسويف والضغط النفسي.. مطبات تجعل الرحلة طويلة وثقيلة على النفس، لكن دعني أعطيك بعض الأدوات لتجمعها في صندوقك، حتى تكون مستعداً لها ولا ترميك لحافة الاستسلام.

ككل المغامرات والرحلات العظيمة، هذه ليست بالسهلة. فالبدء بدافع الفضول دافع نبيل، لكن إن لم نحدد الوجهة ستصطادنا المشتتات، ولن نجد رغبة حقيقة في الكفاح أمام التحديات التي حتماً ستواجهنا. ولذلك يجب أن نضع خطة، خطة بهدف واضح ومحدد. سأتعلم التصوير الفوتوغرافي؟ لا، سأتعلم أساسيات التصوير الفوتوغرافي. البرمجة؟ لا، بل لغة البايثون. وهذا الهدف الصغير المحدد يأتي على ضوء الهدف الكبير.. المشروع الذي تريد صنعه، المسار الوظيفي الذي تسعى إليه، أو أي نقطة ترى أنها المحطة التي تتوقف عندها هذه المغامرة. هناك شيء واحد أقلقني عندما بدأت بالتعلم ذاتياً.. بمن أبدأ؟! اليوتيوب يطفح، والدورات التدريبية تتكاثر كالأرانب! وخلال تلك الحيرة تعلمت أنه ليس علينا إعادة اختراع العجلة. في كل المجالات هناك الأفضل، هناك المميزون، هناك من قام بهذه الرحلة قبلك؛ وأعلم أنهم قاموا بها لأنهم لا يصبحون الأفضل بالتعليم التقليدي كما يتعلم الأخرون. تعلم منهم واقرأ كتبهم، تابع مدوناتهم، تبنى مصادرهم، وصمم منهجك الدراسي الخاص بك مستلهماً من تجربتهم. ابدأ من حيث بدأ العظماء وأكمل المسيرة نحو أهدافك.

في عملٍ قام به نيل فلمنج لجامعة لينكون بنيوزيلندا، طور نموذجاً هو الأشهر في أنماط التعلم واكتساب المعرفة، وهو نموذج VARK. بناءً على هذا النموذج فإن الأشخاص يتعلمون بأربعة أنماط تعلم؛ البصري، السمعي، القرائي والكتابي، والحركي، لكن لدى الجميع نمط أو اثنان يقدمان أكبر كفاءة وسلاسة في التعلم. معرفتك لنمط تعلمك ستساعدك في انتقاء مصادرك وموادك التعليمية بحيث تقضي وقتاً أقل وتكتسب فهماً أعمق للمفاهيم المختلفة. ابحث عن "استبيان فارك" لتعرف نمطك وتستغل نقاط قوتك.

هنا شيءٌ لم أعطه حقه حتى وقتٍ قريب. في سنتي الثانوية الأخيرة التي بدأت فيها بكتابة الملاحظات والتلخيص عند الحاجة حصدت المركز الأول على مدرستي! ولك أن تتصور حجم ما فاتني. ذكرت إحدى الدراسات أن كتابة الملاحظات تحسن التعلم وتذكر المعلومات لأننا نبذل مجهوداً أكثر، فبدلاً من استقبال المعلومات بشكل عفوي تعطينا عملية استعمال أكثر من حاسة، وتحليل المعلومة، ثم تحويلها إلى كلمات أو صور فهماً أعمق ورسوخاً أكبر في الذاكرة. ولها أيضاً ميزة التخزين الاحتياطي؛ يمكنك العودة إلى ملاحظاتك متى ما احتجت ذلك. وفي نقطة أخيرة، لا تنسى أن تتحدى نفسك؛ انظر بعيداً عن الصفحة التي تقرأها واختبر ذاكرتك، ابدأ بمشروع افتراضي وضع له موعد تسليم، حلل أعمال الأخرين بناءً على ما تعلمته، أو ألزم نفسك بإخبار من حولك أنك ستمتلك هذه المهارة بعد مدة معينة.. أياً كان ما ستفعله، تخطى حدودك باستمرار ولا تدع شعلة الشغف تنطفئ.

وهذه هي، ستة أدوات ستساعدك في رحلة التعلم الذاتي؛ تحديد الهدف، وضع خطة، معرفة نمط تعلمك، كتابة الملاحظات، والتحدي. ولك أن تجمع أدوات أخرى على مر الطريق. ثم أتركك مع وصية أخيرة.. إذا قررت فعلاً أن تبدأ، فابدأ بتعلم اللغة الإنجليزية. كمية المعرفة والمصادر والخبرات المتوفرة بها تجعلها - تقريباً - تذكرة الدرجة الأولى في أي رحلة تختار أن تبدأها، وستوفر عليك الكثير من الوقت والجهد. لكن إن لم يكن بالإمكان، فلا تدع ذلك يوقفك يا صديقي، ابدأ وأنت لها.

بقلم: محمد الشروني
@mshrr1

التعليقات